recent
أخبار ساخنة

**ركود الرسوم الجمركية: هل تُهدد الحمائية الاقتصاد العالمي بالانكماش؟**

 

**ركود الرسوم الجمركية: هل تُهدد الحمائية الاقتصاد العالمي بالانكماش؟**

 

في ظل تصاعد التوترات التجارية العالمية وتبني العديد من الدول لسياسات حمائية، يلوح في الأفق شبح "ركود الرسوم الجمركية" ليُلقي بظلاله على مستقبل الاقتصاد العالمي. فمنذ سنوات، كانت التحذيرات الاقتصادية تدور حول التأثيرات السلبية المحتملة لفرض رسوم جمركية مرتفعة وحواجز تجارية، لكن المؤشرات الاقتصادية الراهنة تُشير إلى أن هذه التأثيرات لم تعد مجرد توقعات، بل أصبحت حقيقة ملموسة بدأت تظهر جليًا في أركان الاقتصاد العالمي، من آسيا إلى أوروبا وصولاً إلى الولايات المتحدة.

في ظل تصاعد التوترات التجارية العالمية وتبني العديد من الدول لسياسات حمائية، يلوح في الأفق شبح "ركود الرسوم الجمركية" ليُلقي بظلاله على مستقبل الاقتصاد العالمي. فمنذ سنوات، كانت التحذيرات الاقتصادية تدور حول التأثيرات السلبية المحتملة لفرض رسوم جمركية مرتفعة وحواجز تجارية، لكن المؤشرات الاقتصادية الراهنة تُشير إلى أن هذه التأثيرات لم تعد مجرد توقعات، بل أصبحت حقيقة ملموسة بدأت تظهر جليًا في أركان الاقتصاد العالمي، من آسيا إلى أوروبا وصولاً إلى الولايات المتحدة.
**ركود الرسوم الجمركية: هل تُهدد الحمائية الاقتصاد العالمي بالانكماش؟**


**ركود الرسوم الجمركية: هل تُهدد الحمائية الاقتصاد العالمي بالانكماش؟**


**السياسات الحمائية والركود الاقتصادي علاقة طردية تتكشف**

 

تُعد السياسات التجاريةالحمائية، وعلى رأسها الرسوم الجمركية التصاعدية، من أبرز العوامل التي تُهدد استقرار النمو العالمي. فبينما تسعى بعض الدول لحماية صناعاتها المحلية وتعزيز قدرتها التنافسية من خلال فرض رسوم على الواردات، غالبًا ما تُفضي هذه الإجراءات إلى ردود فعل انتقامية من الشركاء التجاريين، مما يُشعل حربًا تجارية لا يخرج منها أحد منتصرًا. 

  • تتسبب هذه الحروب في تقويض سلاسل الإمداد العالمية، وزيادة تكاليف الإنتاج، ورفع أسعار السلع
  •  على المستهلكين، وفي النهاية، تؤدي إلى تراجع الثقة في الأسواق وانكماش في التجارة والاستثمار
  •  وهي المكونات الأساسية لأي نمو اقتصادي مستدام.

 

**الهند ضحية مبكرة لرسوم "ترامب" الانتقامية**

 

تُقدم الهند، ثالث أكبراقتصاد في آسيا، مثالًا صارخًا على التداعيات المباشرة للرسوم الجمركية. ففي سبتمبر الماضي، كشف مسح سريع أجرته شركة "أتش أس بي سي" (HSBC) عن تباطؤ ملحوظ في النشاط الاقتصادي الهندي بعد دخول رسوم جمركية أميركية بنسبة 50 في المئة حيز التنفيذ. هذه الرسوم، التي وصفتها بعض الدوائر الاقتصادية بـ"الانتقامية"، جاءت ردًا على ما اعتبرته واشنطن "حواجز تجارية" أقامتها نيودلهي، بالإضافة إلى استمرار مشترياتها من النفط الروسي.

 

  1. انخفض المؤشر المركب لمديري المشتريات في الهند من 63.2 نقطة في أغسطس إلى 61.9 نقطة في
  2.  سبتمبر، وهو تراجع يُعتبر مهمًا رغم أنه لا يُشير بعد إلى انكماش. ومع ذلك، فإن الانخفاض الواضح
  3.  في مؤشري التصنيع والخدمات إلى 58.5 و61.6 نقطة على التوالي يعكس فقدانًا للزخم الاقتصادي.
  4.  وقد أشار كبير الاقتصاديين في بنك HSBC إلى أن هذا التباطؤ "قد يكون علامة مبكرة على تأثير
  5.  الرسوم الجمركية في الطلب الخارجي، خصوصًا على طلبات التصدير الجديدة التي شهدت تباطؤًا".

 

في محاولة للتخفيف من هذه الآثار، عمدت الحكومة الهندية إلى خفض الضرائب على السلع الأساسية، بهدف تحفيز الاستهلاك المحلي ودعم معنويات السوق. لكن في غضون ذلك، تراجعت الروبية الهندية إلى مستوى قياسي جديد، مسجلة 88.79 مقابل الدولار، مدفوعة أيضًا بقرار أميركي مفاجئ برفع رسوم التأشيرات، مما أثار مخاوف إضافية بشأن الرسوم الجمركية.

 يُحذر المحللون من أن زيادة رسوم التأشيرات قد تضغط على هوامش أرباح شركات البرمجيات الهندية وتؤثر سلبًا على تحويلات العاملين من الخارج، مما يُعقد المشهد الاقتصادي أكثر.

 

**منطقة اليورو نمو هش يفتقر إلى الزخم المستدام**

 

على الجانب الآخر من العالم، تُعاني منطقة اليورو من تحديات مماثلة. فرغم ارتفاع مؤشر مديري المشتريات المركب للمنطقة إلى 51.2 نقطة في سبتمبر 2024، مسجلًا أعلى مستوى منذ 16 شهرًا، إلا أن الطلبيات الجديدة بقيت راكدة عند 50 نقطة.

  •  هذا يشير إلى أن النمو في منطقة اليورو قد لا يستند إلى طلب حقيقي أو استدامة طويلة الأمد، بل قد
  •  يكون مدفوعًا بعوامل مؤقتة. كما علق كبير المحللين في بنك "هامبورغ" التجاري، سايروس دي لا
  •  روبيا، "لا تزال منطقة اليورو على مسار النمو، ومع ذلك ما زلنا بعيدين عن رؤية أي زخم حقيقي".

 

تُظهر الفجوة المتزايدة بين أكبر اقتصادين في المنطقة، ألمانيا وفرنسا، هشاشة التعافي الأوروبي. فقد سجلت ألمانيا أسرع وتيرة نمو منذ مايو 2023، بينما شهدت فرنسا انكماشًا في النشاط الاقتصادي للشهر الثالث عشر على التوالي، وبحدة بلغت أعلى مستوياتها منذ أبريل الماضي. هذا التباين يكشف أن التكتل لا يزال عرضة للتقلبات المرتبطة بالطلب الخارجي وسلاسل الإمداد، وتأثير السياسات التجارية الدولية.

 

**فرنسا تدهور متواصل في ظل ضعف الطلب العالمي**

 

تُعد فرنسا مثالًا واضحًا على تأثر الاقتصادات الكبرى بالمتغيرات التجارية العالمية. فوفقًا لمسح أجرته "ستاندرد أند بورز" مؤخرًا، انخفض مؤشر الإنتاج المركب لمديري المشتريات في فرنسا إلى 48.4 نقطة في سبتمبر، مقارنة بـ49.8 نقطة في أغسطس، وهو أدنى مستوى له في خمسة أشهر. كانت قطاعات التصنيع والخدمات الأكثر تضررًا، حيث انخفض مؤشر التصنيع إلى 48.1 نقطة ومؤشر الإنتاج الصناعي إلى 45.9 نقطة، وهو أدنى مستوى في سبعة أشهر.

 

  1. عزا التقرير هذا التراجع إلى ضعف في الطلبيات الجديدة للشهر السادس عشر على التوالي، مما
  2.  يعكس تراجعًا في الطلب المحلي والدولي. وفي خطوة تعكس شدة المنافسة وضعف القوة الشرائية
  3.  أقدمت الشركات الفرنسية على خفض أسعارها للمرة الأولى منذ مايو الماضي، على الرغم من ارتفاع
  4.  التكاليف التشغيلية. هذه العوامل ترتبط جزئيًا بتقلبات الأسعار الناتجة عن الرسوم الجمركية وتكاليف
  5.  الاستيراد، مما يُزيد من الضغوط على الشركات والمستهلكين.

 

**الولايات المتحدة خطر الركود والتضخم المستمر**

 

حتى أكبر اقتصاد في العالم، الولايات المتحدة، لم يسلم من التبعات السلبية للسياسات التجارية. فقد ارتفع خطر الركود في الولايات المتحدة إلى 48 في المئة، وفقًا لوكالة "موديز أناليتكس"، وهو أعلى مستوى منذ جائحة "كوفيد-19" عام 2020. يأتي هذا التقييم في ظل عدد من المؤشرات المقلقة، أبرزها فقدان نحو 910 آلاف وظيفة في القطاع الخاص خلال 12 شهرًا، بالإضافة إلى تراجع الثقة في نمو الدخل الحقيقي.

 

  • تُشكل الرسوم الجمركية، التي وصلت إلى 19.5 في المئة على بعض الواردات، عاملًا رئيسًا في
  •  ارتفاع تكاليف المعيشة بالولايات المتحدة. وقد اضطرت الشركات إلى امتصاص جزء من هذه
  •  الصدمة عبر تقليص هوامش الأرباح أو الاعتماد على المخزونات. لكن كما حذرت منظمة التعاون
  •  الاقتصادي والتنمية (OECD)، فإن الأثر الحقيقي لتلك الرسوم لم يظهر بعد بالكامل، مما يُنذر بمزيد
  •  من التحديات في المستقبل القريب.

 

**تحذيرات منظمة التعاون الاقتصادي "تراكم الآثار السلبية للرسوم الجمركية"**

 

في أحدث تقاريرها، أكدت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن الآثار الكاملة للرسوم الجمركية الأميركية لا تزال في طور التراكم. وحذرت المنظمة من أن استمرار هذه السياسات قد يؤدي إلى تراجع الاستثمارات وانخفاض في حركة التجارة العالمية.

 

  1. أشار التقرير إلى أن العديد من الشركات قامت بتخزين البضائع قبل فرض الرسوم، مما ساعد في
  2.  تأخير التأثير السلبي. ولكن مع نفاد المخزون تدريجيًا، يُتوقع أن تظهر النتائج السلبية بصورة أوسع
  3.  خلال عامي 2025 و2026. ورغم أن المنظمة أبقت على توقعات النمو العالمي لعام 2025 عند 3.2
  4.  في المئة، إلا أنها حذرت من أن أي تصعيد إضافي في السياسات الحمائية قد يؤدي إلى تدهور أكبر
  5.  في المؤشرات الاقتصادية.

 

**مستقبل الاقتصاد العالمي في ظل "ركود الرسوم الجمركية"**

 

في الختام، تُشير جميع المؤشرات إلى أننا بدأنا نرى التأثير الفعلي للسياسات الجمركية والحمائية التي تبنتها العديد من الدول خلال الأعوام الأخيرة. فالاقتصادات الناشئة، مثل الهند، تتأثر فعليًا، وتُظهر أوروبا علامات ضعف في الزخم والنمو مع تفاوت كبير بين أعضائها، بينما تواجه الولايات المتحدة تباطؤًا وتحديات تضخمية.

 فى الختام

تُصبح التحذيرات الدولية أكثر إلحاحًا بشأن المستقبل القريب إذا استمرت الرسوم الجمركية دون تخفيف أو مراجعة. فرغم أن الرسوم قد لا تكون السبب الوحيد لتباطؤ الاقتصاد العالمي، إلا أنها بلا شك أصبحت عاملًا فاعلًا لا يمكن تجاهله في المشهد الاقتصادي العالمي المعقد. 

وإذا استمرت هذه السياسات، فإن آثارها قد تمتد إلى مستويات أعمق وأكثر استدامة، لتُشكل ما يمكن تسميته بحق "ركود الرسوم الجمركية"، الذي قد يُلقي بظلاله على عقود قادمة من النمو والرخاء الاقتصادي العالمي.

**ركود الرسوم الجمركية: هل تُهدد الحمائية الاقتصاد العالمي بالانكماش؟**


author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent